راودني سؤال لماذا يخاف الناس من ذكر الموت ؟
هل خوف الناس من الموت حقيقي يقف عند أنني لم أعمل صالحاً أم فقط كراهة للموت ليست إلا ؟
وتذكرت ذكر والدتي حفظها الله هذا الحديث :"لو نجا أحدٌ من ضمَّةِ القبرِ لنجا منها هذا العبدُ الصالحُ [يعني سعدَ بنَ معاذٍ]".
إذاً لا مفر الموت سيأتي لا محالة فهل أجعل خوفي فقط لكراهة الموت أم أنني لم أعمل صالحاً ، إذا كانت ضمة القبر لن أفر منها فما بال لحظة الموت ؟
ثم وجدت أن الأنبياء والصحابة مخاوفهم تدور حول :
- الخوف من الشرك في قول إبراهيم عليه السلام وهو خليل الله:
﴿وَاجنُبني وَبَنِيَّ أَن نَعبُدَ الأَصنامَ﴾ [إبراهيم: ٣٥]
فنجد اليوم من يتكلم عن الشرك ولكن الخوف منه يكاد ينعدم مقابل الخوف من الموت !!
- الخوف من النفاق حادثة عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
مِن أصحابي مَن لا أَراه ولا يَراني بعدَ أنْ أَموتَ أبدًا.
قالَ: فبلَغَ ذلك عُمرَ، قال: فأتاها يَشتَدُّ، أو يُسرِعُ -شكَّ شاذَانُ-
قالَ لها: أَنشُدُكِ باللهِ، أنا منهم؟ قالتْ: لا، ولن أُبرِّئَ بعدَكَ أحدًا أبدًا.
التخريج : أخرجه أحمد (26549) واللفظ له، وأبو يعلى (7003)، والطبراني (23/317) (719)
هل خوفك من النفاق أعظم في قلبك من الموت نفسه ؟
- الخوف من عدم الإخلاص حادثة أبو هريرة رضي الله عنه :
فقالَ أبو هريرةَ : أفعلُ ، لأحدِّثنَّكَ حديثًا حدَّثنيهِ ﷺ وعلِمتُهُ ، ثمَّ نشغَ أبو هريرةَ نَشغةً ، فمَكثَ قليلًا ، ثمَّ أفاقَ ،
فقالَ : لأحدِّثنَّكَ حديثًا حدَّثنيهِ ﷺ
في هذا البيتِ ما معَنا أحدٌ غيري وغيرُهُ ،
ثمَّ نَشغَ أبو هريرةَ نشغةً أخرى ،
فمَكثَ بذلِكَ ، ثمَّ أفاقَ ومسحَ وجْهَهُ
قالَ : أفعلُ لأحدِّثنَّكَ بحديثٍ حدَّثنيهِ ﷺ ،
وأنا وَهوَ في هذا البيتِ ما معنا أحدٌ غيري وغيرُهُ ،
ثمَّ نشغَ أبوهريرة نشغةً شديدةً ،
ثمَّ مالَ خارًّا علَى وجْهِهِ أسندتُهُ طويلًا ،
ثمَّ أفاقَ ، فقالَ : حدَّثني ﷺ :
إنَّ اللَّهَ تبارَكَ وتعالى إذا كانَ يومُ القيامةِ نزلَ إلى العبادِ ليَقضيَ بينَهم ، وَكلُّ أمَّةٍ جاثيةٌ ، فأوَّلُ من يدعو بهِ رجلٌ جمعَ القرآنَ ،
ورجلٌ يُقتلُ في سبيلِ اللَّهِ ، ورجلٌ كثيرُ المالِ ،
فيقولُ للقارئِ : ألم أعلِّمْكَ ما أنزلتُ علَى رسولِي ؟
قالَ : بلى يا ربِّ قالَ : فماذا عمِلتَ فيما عُلِّمتَ ؟ قالَ : كنتُ أقومُ بهِ أثناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ ،فيقولُ اللَّهُ لهُ : كذبتَ ،
وتقولُ الملائِكةُ : كذبتَ ، ويقولُ اللَّهُ : بل أردتَ أن يقالَ : فلانٌ قارئٌ ،
فقَد قيلَ ، ويؤتى بصاحبِ المالِ فيقولُ اللَّهُ : ألم أوسِّع عليْكَ حتَّى لم أدعْكَ تحتاجُ إلى أحدٍ ؟
قالَ : بلَى قالَ : فماذا عملتَ فيما آتيتُكَ ؟
قالَ : كنتُ أصلُ الرَّحمَ ، وأتصدَّقُ ؟
فيقولُ اللَّهُ : كذبتَ ، وتقولُ الملائِكةُ : كذبتَ ،
فيقولُ اللَّهُ : بل أردتَ أن يقالَ : فلانٌ جوَّادٌ ،
فقد قيلَ ذاكَ ، ويؤتى بالَّذي قتلَ في سبيلِ اللَّهِ ،
فيقالُ لهُ : فيمَ قُتلتَ ؟ فيقولُ : أُمِرتُ بالجِهادِ في سبيلِكَ ،
فقاتلتُ حتَّى قُتلتُ ، فيقولُ اللَّهُ : كذبتَ ، وتقولُ الملائِكةُ : كذبتَ ،
ويقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لهُ : بل أردتَ أن يقالَ : فلانٌ جَريءٌ :
فقد قيلَ ذلِكَ ، ثمَّ ضربَ ﷺ علَى رُكبتيَّ ،
فقالَ : يا أبا هُريرةَ ، أولئِكَ الثَّلاثةُ أوَّلُ خَلقِ اللَّهِ تُسعَّرُ بِهمُ النَّارُ يومَ القيامَةِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن خزيمة | الصفحة أو الرقم : 2482 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح رجاله ثقات.
تمعَن أن أبو هريرة رضي الله عنه يغشى عليه مرات عديدة بسبب خوفه من عدم الإخلاص لله تعالى !!
الموت نفسه قد لا يكون مخيفاً بقدر : هل الله راضي عني في جميع أحوالي وسكناتي ؟
سديم العمري | اللاديمومة.
تعليقات
إرسال تعليق